مقترح لدعم التعليم في جمهورية مصر العربية العائد المتوقع من رؤية تمويل التعليم

74

بوابة المحروسة

بقلم : الدكتور/ محمد مصطفى الجيزاوى

ينشرها : الكاتب الصحفى – سعيد سليم

المقال الثالث

مقترح لدعم التعليم في جمهورية مصر العربية

العائد المتوقع من رؤية تمويل التعليم

استعرضنا في المقالتين السابقتين تصور مقترح لتمويل التعليم وبكل تأكيد قد يظن البعض أن الرؤية بديل لمجانية التعليم والإجابة وبكل قوة بالنفي القاطع.

وهنا يكون السؤال : ماهي أوجه الأستفادة من هذه الرؤية؟

ماهو العائد على المجتمع والمتعلم والمعلم من تلك الرؤية؟

كيف تستفيد الدولة من هذه الرؤية؟

ويمكن الإجابة على هذه الأسئلة بإختصار شديد مع التذكرة بوجود الردود كاملة وتفصيلية ومخططة وممنهجة في الدراسة تامة والتي تقع في أكثر من 400 صفحة.

وبداية يمكننا القول بأن المستفيد الأول من هذه الرؤية – وفق وجهة نظر كاتبها والتي ربما يختلف معها البعض – هو المجتمع …..نعم كما طالعت عيني القارئ المحترم العبارة، لماذا؟ وكيف؟.

النقطة الأولى: المجتمع العام :

في جمهورية مصر العربية ونتيجة لمعطيات كثيرة ولظروف سياسية واقتصادية توقف تعيين الخريجين من كليات التربية أو ما يعادلها في المدارس منذ سنوات ومع الزيادة السكانية الكبيرة واحتياج الدولة لبناء مدارس كثيرة وبالتالي نجد أن الاحتياج الفعلي تقريباً كل عام للمعلمين هو 20 ألف معلم إضافي كل عام دراسي، حتى وصلنا بالفعل إلى احتياج فعلي قد يكون تخطى 400 ألف معلم حالياً، والملاحظ أنه في عام 2015 تم تعيين 32 ألف كا أخر دفعة استثنائية تعينت من المعلمين، مع ملاحظة أن الرئيس السيسي وجه في عام 2022 بتعيين 150 ألف معلم على مدار 5 سنوات، ومع ذلك فهذا لا يكفي ويحمل الدولة عبء كبير،ولكن الرؤية المطروحة تجعل من الحلم المستحيل تحقيقه واقع يمكن على الأرض…كيف؟ من خلال الرؤية الاستثمارية التي عرضت فالمدارس التي يتم بنائها جديداً وتطرح على المستثمر أو مجموعة من الشركاء تقوم هي بالاتفاق مع وزارة التربية والتعليم على عمل اعلان ومسابقة لتعيين العدد المناسب لتشغيل هذه المدرسة لمدة عامين قابلة للتجديد حال استيفاء الشروط القانونية والمهنية – تماما كما يحدث في مسابقات الاعارات وعقود العمل للدول العربية والأفريقية – وهذا متوقع أن يقوم بتشغيل أكثر من 40 % من خريجي كليات التربية وما يقابلها على مستوى الدولة حال طرح المدرسة الجديدة تماما مع ملاحظة وجود إمكانية بنسبة لا تزيد عن 25 % من المعلمين المعينين فعليا شريطة اجتياز الأختبارات والتدريبات المطلوبة.

ببساطة شديدة ….البطالة التي يشكو منها خريجي كليات التربية وما يعادلها وكذلك خريجي الكليات الأخرى على مدى عدد من السنوات القادمة ومع استمرار الزيادة السكانية وبناء الدولة أو الشركات الاستثمارية للمدارس سوف تختفي ظاهرة البطالة بين خريجي كليات التربية ولا ننسى هنا أن هذا سوف يحدث تنافسية في سوق العمل بين المدارس الخاصة الموجودة بالفعل وبين المدارس الجديدة وبين الموجودة فعلياً وبكل تأكيد ذلك ينعكس على جودة العملية التعليمية.

النقطة الثانية: وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني:

هذه الرؤية حال تنفيذها بضوابط وبعد أجراء بعض التعديلات القانونية من المتوقع أن تنعش خزانة الوزارة بما يمكنها من القيام بأعبائها من بناء مدارس وتجديد وترميم فصول وكذلك انشاء مدارس تربية خاصة ومدارس للتعليم المجتمعي – هذه يمكن أن تكون مصدر كبير لمصادر الدخل للمديريات والوزارة نفسها وهناك ملحق في الرؤية الكاملة يحمل برنامجاً كاملا لتطوير نوعية هذه المدارس وتحويلها لمدارس منتجة – وكذلك الصرف على الامتحانات وتطويرها ….وغيرها من مهام الوزارة العديدة. وهذه النقطة بالذات تم افراد دراسات وخطة واضحة لتنفيذها في الرؤية المتكاملة وكيفية الاستفادة من العائد المالي على المعلم دون المساس بميزانية الدولة.

النقطة الثالثة: المعـــــلـــــــــم:

المحور الأهم في العملية التعليمية إلى جانب المنظومة الادارية المتهالكة والتي تحتاج إلى بناء جديد وعلمي بعد سنوات من الأهمال، المعلم هنا سواء المعين منذ سنوات طويلة أو المعلم الجديد أو المعلم الخريج منذ سنوات أو حديثاً ….كل هؤلاء لا يحتاجون فقط للتعيين أو العمل بل أيضاً إلى ما نسميه بالتنمية المهنية المستدامة بمعناها العلمي وليس تدريبات لمدة يوم أو يومين لا تغني ولا تسمن من علم أو فكر أو رؤيا! تدريبات فعلية تجعل المعلم المصري متميز سواء المعلم صاحب الخبرة والمعلم الحديث والمزج بينهم،وهنا يجب ألا ننسى أن بعض المعلمين أصحاب الخبرات السابقة والمعينين منذ فترات طويلة لا يرغبون كثيراً في ترك أماكنهم ليس لشيء سوى الخوف من التدريس لمتعلم منهجه التعليمي ربما لم يدرسه المعلم المعين منذ فترة – تحديداً في مادة العلوم وهناك دراسة بؤرية عن محافظة الأسكندرية عن ذلك – والبرامج التدريبية المقترحة في الرؤيا الحالية متوقع أن تحقق الفارق الكبير لصالح المعلم الذي بكل تأكيد يعود على المتعلم.

وهنا يجب التأكيد على ضرورة تغيير نظام الأكاديمية المهنية للمعلم لتتحول بالفعل إلى معناها الحقيقي والمنهجي …الأكاديمية المهنية للمعلم والتي تقوم بدورها الكامل في تنمية المعلم منهجياً وإدارياً من خلال برامج معتمدة وتمت مراجعتها من قبل الأكاديمية وان يكون من شروط الوزارة – وزارة التربية والتعليم – وكذلك المؤسسات الخاصة المنتظر توليها مسئولية المدارس المبنية حديثاً وغيرها أن يكون ضرورة حصول المعلم على تدريبات موثقة بشهادات ذات صلاحية محددة بزمن من الأكاديمية المهنية للمعلم وليس من غيرها وهذا يشكل فارقاً كبيراً كما جاء في الدراسة المصاحبة للرؤيا هذا بعد تنفيذ رؤية تطوير الأكاديمية المهنية للمعلم ونذكر منها :

1 – خبرة المدربين لن تكون نظرية لأن غالبيتهم بالفعل قد عملوا ومارسوا العمل الفعلي في حقل التربية والتعليم وجاءوا من الميدان فعلياً – هناك دراسة فعلية عن كيف أحدث برنامج التحسين المدرسي في محافظة الأسكندرية الفارق في تدريب المدارس الكاثوليكية في الفترة من 2007 إلى 2009 وكان السبب المباشر هو أن المدربين كانوا معلمين أو إداريين في التربية والتعليم – وهذا يحدث الفارق الكبير في برنامج التدريب مهنياً وإدارياً.

2 – العائد المالي المتوقع للأكاديمية المهنية جراء التدريبات والذي يمكنها بالفعل من تطوير الأداء لها ومن المنتظر وفق هذه الرؤية أن تصبح الأكاديمية المهنية للمعلم هي حجر الزاوية المعتمد لكافة البرامج التدريبية ليس محلياً بل أيضا عربياً حيث يمكن الاتفاق مع الدول العربية والتي تحتاج للمعلمين المصريين وربما المعلمين في هذه الدول بضرورة الحصول على هذه البرامج وهذا ليس فرضاً بل لأن جودتها هي المطلوبة على صعيد العالم العربي (وهناك تصور كامل لرؤية تمويل الأكاديمية المهنية للمعلم ضمن الدراسة والعائد المتوقع لها).

3 – تغيير منظومة الترقي الآلي المتبعة حتى تاريخه في الأكاديمية مع عدم الأخلال بالقانون 155 لعام 2007 واللائحة التنفيذية للقانون والمدة البينية لسنوات الترقي ولكن يكون الترقي من خلال برامج تتفق مع مستحدثات ومستجدات التطوير العلمي والتكنولوجي والاجتماعي وكل في تخصصه (يوجد تفصيل لتلك الرؤيا في كيفية ونظام الترقي للمعلمين).

رؤية تمويل التعليم والتي يفضل البعض تسميتها خصخصة التعليم هي رؤية اجتهادية من واقع التعليم ….رؤية اجتهادية بشرية قد تصيب وقد تخطئ، قد تحتاج وهذا بكل تأكيد إلى تعديلات وفريق عمل يقوم على قراءة وتحليل الواقع المذكور في الرؤية المتكاملة والواقع الفعلي والوصول إلى حل يساعد في تقليل معوقات التعليم ومشاكل التعليم سواء التمويلية أو الادارية مما يساعد الوزارة وبالتالي الحكومة والقيادة السياسية في تحقيق رؤية التعليم 2030.

ختاماً ….هذه رؤية صواب تحتمل الخطأ ولكنها تحمل بداخلها أفكار لحلول جذرية كما يقولون خارج الصندوق المعتاد للحلول، وربما ونظراً لصعوبة عرض الرؤية كاملة على صفحة المجلة الموقرة فقد تم عرض بعض النقاط الهامة والتي توضح رؤية تمويل التعليم في ظل الظروف التي تمر بها جمهورية مصر العربية وذلك تأكيداً على مجانية التعليم المنصوص عليها بالدستور، وربما يرى البعض أن هذه الرؤية خيالية وصعبة التحقيق؛أذكرهم بما حدث في الأسكندرية منذ سنوات وكان مرفوضاً تماماً مجرد الحديث فيه حيث تشرفت بعرض رؤيا مماثلة على السيد مدير المديرية أنذاك في عام 2015 من خلال فريق عمل بشأن ألغاء ما كان يسمى بالمدارس التجريبية العربية – نموذج لم يكن موجودا سوى بمحافظة الأسكندرية وقريباً نتحدث عنه – وتحويلها إلى مدارس رسمية لغات لأن الاتجاه كان رغبة أولياء الأمور بتعليم أبنائهم في نوعية هذه المدارس وتم الاحلال تدريجياً والآن بعد مرور سنوات يؤكد المهتمين والمجتمع في محافظة الأسكندرية أنه لولا ما تم لكانت كثافة الطلاب في المراحل الأولى – رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية – تصل إلى أكثر من 190 طالب بالمدارس الرسمي لغات ووقتها كان حلماً قيل أنه مستحيل على الأرض،لكن القيادة الموجودة وقتها اقتنعت بالرؤيا وقامت بتنفيذها وبكل تأكيد أتت بثمارها، ويمكن دراسة الرؤيا المقترحة الحالية وتطبيقها على مراحل تجريبية في عدد من المحافظات ذات القيمة المضافة ثم تحليل النتائج وعلاج نقاط الضعف ثم تجربتها ثم تعميمها،المهم أن يكون هناك تكامل لجميع مراحل رؤيا تمويل التعليم المذكورة وليس تطوير مرحلة دون الأخرى.

الدكتور / محمد مصطفى الجيزاوي

استشاري الإدارة العامة للتعليم العام

بمديرية التربية والتعليم بالإسكندرية

 

 

 

 

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد