303

بوابة المحروسة

بقلم الأستاذ الدكتور / راندا شاهين

سيناء بين استرداد الكرامة والتنمية

 

*تعيش مصر دائماً عبر العصور المختلفة في صراعات عديدة ومتنوعة المصادر مما يجعلها يقظة دائماً كقيادة ومؤسسات وشعب. دعونا نتناول تاريخنا المعاصر وما تم من استرداد الكرامة الوطنية والسيطرة الاستراتيجية العسكرية في حرب أكتوبر المجيدة وما تم من تحرير لأرض الفردوس (سيناء الحبيبة). وما يذكر أن معركة التحرير لم تكن عسكرية فقط بل كانت معركة دبلوماسية (السلام المبني على القوة). حيث أننا لم نكن نستطيع أن نتكلم عن السلام بعد نكسة يونيو 1967م. ولكن كان لابد من تدبير الأسلحة والمعدات المتاحة وإعداد الفرد المقاتل والاستعداد القتالي العالي. وهذا ماتم في حرب الاستنزاف. وعندما استعادت القوات المسلحة المصرية الباسلة قوتها العسكرية قامت بعبور جسر الهزيمة ولقنت العدو الاسرائيلي درساً قاسياً في فنون القتال واستراتيجيات المعارك التي ما زالت تدرس في الأكاديميات العسكرية في العالم كله.وتفاجأ الجيش الاسرائيلي بجندي مصري من طراز النصر والعزة والكرامة. ولم تكن بداية الحرب عبوراً لقناة السويس فقط بل كانت عبوراً نفسياً واكساب الثقة بالنفس للجندي المصري حيث كانت حرب تحديد المصير (أكون أو لا أكون) فكانت كلمة الله أكبر  في ساحة المعركة لا تزلزل العدو فحسب بل تزلزل الأرض وتصل لعنان السماء ليتم محو أسطورة العدو الذي لا يهزم. فتحية لروح شهداء الوطن الذين بذلوا الغالي والنفيس لاسترداد كرامة الوطن. فبهم أصبح لمصر درع وسيف كما قالها بطل الحرب والسلام الرئيس الراحل محمد أنور السادات.وما يذكر أن سيمفونية النصر اشترك في عزفها كل فئات ومؤسسات الدولة المصرية آنذاك. فالهلال الأحمر المصري ووزارة الصحة كان لهم دور فعال في علاج المصابين والجرحى. وكل فئات الشعب تبرعت بالدم والأدوات.وما يذكر أن الشارع المصري لم يسجل فيه أي جرائم في ذلك الوقت. وهذا يعبر عن انصهار كل فئات الشعب ونسيجه لتحقيق هدف النصر لدفع مسيرة استرداد الكرامة المصرية وعدم تعطيلها.

*ولنتساءل لماذا كل هذا الاهتمام بأرض الفيروز؟ لأنها صمام الأمن من الجهة الشرقية لمصر،وتعد أهم عوامل الأمن الاستراتيجي لمصر،وكذلك فهي أرض جميع الأديان السماوية (الاسلامية – المسيحية – اليهودية)، وتظل أرض سيناء عبر العصور هي الأرض التي باركها الله سبحانه وتعالى وذكرها في كتبه السماوية وهي الأرض التي باركها الله سبحانه وتعالى وذكرها في كتبه السماوية وهي الأرض التي مر بها ولجأ إليها أنبياء الله، وتبقى هذه الأرض رمزاً لكل الحضارات وملتقى لكل الشعوب، وتزخر سيناء بالكثير من المعالم الدينية والأثرية التي لها تاريخها وتم ذكرها في القرآن الكريم ومنها:

جبل موسى والوادي المقدس طوى؛ويعرف كذلك بإسم طور سيناء هوجبل يقع في محافظة جنزب سيناء في مصر، ويبلغ ارتفاعه 2285 متراً فوق سطح البحر، وسمي بجبل موسى نسبة ل” كليم الله” موسى الذي كلم ربه في هذا الجبل وتلقى الوصايا العشر، ويعتبر من أشهر جبال سيناء، ويعتبر هذا الجبل المبارك من أفضل جبال الأرض عند الله، وتم ذكره في القرآن الكريم كما تم ذكر سيناء لأنه يقع فيها، فقد قال عنه الله في كتابه الكريم ” إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى”، ويوجد بالجبل كنيسة يونانية صغيرة وجامع صغير،وكذلك من المقدسات الدينية دير سانت كاترين والذي يقع في جنوب سيناء، وأيضاً يوجد في سيناء الحبيبة شجرة العليقة وعيون موسى، وكذلك كانت رحلة العائلة المقدسة من بيت لحم إلى غزة ودخلت مصر من خلال سيناء (الاتجاه الشمالي).

وتكمن مقومات السياحة في سيناء في مظاهر عديدة منها السياحة الشاطئية التي تمثل 220 كم على ساحل البحر المتوسط والتي تتميز بالمناظر الطبيعية الساحرة والخلابة. وأيضاً توجد السياحة العلاجية في رمال سيناء وعيونها المائية لما لها من آثار علاجية متميزة،وكذلك تُعد سيناء منطقة سياحية لجذب السياح بسبب الآثار والمزارات الدينية.

وكذلك تتضح أهمية تطوير وبناء سيناء لأنها تمتلك كوارد طبيعية عديدة مثل المحاجر والمناجم وآبار البترول والغاز الطبيعي وأيضاً مساحات شاسعة تصلح للزراعة و….، ويجب ربط سيناء بالدلتا والوادي بجسور مادية وبشرية من خلال التوسع في استصلاح الأراضي، وتطوير البنية التحتية والمرافق الأساسية والخدمات العامة مثل شبكات المياه والصرف الصحي والطرق والاتصالات لتشجيع الاستثمار في أرض سيناء، والتوسع العمراني من خلال تشجيع المستثمرين على اقامة المشاريع التنموية والمجتمعات السكانية والمدن الجديدة لجذب أبناء مصر من كافة المحافظات، والمساهمة في القضاء على الازدحام والتكدس السكاني في الوادي والدلتا، ويجب العمل على ترسيخ روح الانتماء والمواطنة بين أبناء سيناء من خلال طرح بعض الاراضي للتملك بأنظمة سداد مريحة لمتوسطي الدخل بما يناسب إمكانات أهل سيناءويعد التعليم درع الأمن لمصر، وكذلك فإن التنمية المستدامة لسيناء تُعد بيئة خصبة للحفاظ على الأمن والأمان، ووضع مجلس الوزراء خطة متكاملة لتحقيق التنمية الشاملة بشمال سيناء خلال خمسة سنوات (2023-2028م)، وفي هذا الصدد أيضاً سعت وزارة التربية والتعليم للمساهمة في التنمية المستدامة لسيناء في مجال التعليم وذلك من خلال:

العمل على مد اليوم الدراسي بمدارس سيناء.

التوسع في إنشاء المدارس بنوعيها (النظامية-التعليم المجتمعي).

التوسع في أكساب الطلاب المهارات الحياتية اللازمة للتكيف مع الضغوط النفسية الناتجة عن الأزمات، وذلك بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة ووزارة الثقافة،بهدف جذب المساهمة في بناء شخصية الطالب الإيجابية الداعمة لبناء الوطن والمدافعة عنه.

توفير تغذية التلاميذ في محافظة سيناء طوال العام الدراسي لجميع الفئات بمراحل التعليم المختلفة.

تشجيع الطلاب على إقامة مشاريع الوحدة المنتجة ( الانتاجية – التسويقية – الخدمية – البرمجية ) القائمة على التراث السيناوي والأنشطة بالبيئة المحيطة، وتسويق منتجاتها من خلال معارض المدرسة المنتجة على مستوى المدرسة والإدارة التعليمية والمديرية.

التوصية بتنظيم الرحلات التعليمية لطلاب المدارس من مختلف محافظات مصر لزيارة سيناء الحبيبة لنحقق الارتباط النفسي والمعنوي بأرض الفردوس.

*وأخيراً وليس آخراً تعد سيناء درة العقد المصري،ومصر ليست دولة عادية فمصر شمس يسبح في فلكها الكواكب الأخرى، مصر الأمل والضياء لمن حولها ومصدر الأمن الاستراتيجي إقليمياً ودولياً.

                حفظ الله مصر قيادة وشعباً على مر العصور

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد